رحلة الي زمن الغضب

من طرف **عزت باشا** 29/12/2009, 05:47

الغضب مجموعة معقدة من الأفكار ... ومن نماذج النشاط الجسماني والسلوكيات الحركية والكلامية .

أسترخي ..تأمل جيدا ..خذ نفسا عميقا وأغمض عيناك .. فلا تري أو تسمع ...
وتعال معي للحظات نعيش سويا في رحلة الي زمن الغضب ..نتخيل في هذا الزمان
كيف يكون الغاضبون ..يعيشون فيه ... نتخيل أنفسنا مع الغضاب نحاكي سلبية
أكثر مما يبغي في أفكارهم وادراكاتهم ... وليكن هدفنا مساعدتهم علي تغير
أفكارهم السلبية تلك .. والمبالغ فيها ... وغير الصحيحة ... حول أوضاع
مقيتة .. الي أفكار واقعية دقيقة أقل مبالغة .. بدون أن نأتي اليهم
بتأكيدات أيجابية في حل مشاكلهم ... ونسمع ونشاهد كيف يسألهم الزمان ...
فتخيل معي الآن .. أننا رسونا في رحلتنا هذة... في حياة مليئة بالخيبة
والمقت والصراع ..حيث فساد للعلاقات بين الأصدقاء والمعارف وأعضاء الأسرة
والزملاء وحتي مع الأخريين ... بسبب الأساءات بين الأشخاص فيهم ..تري
الأهمال والهجر والخداع ... أسمع أنك تقول تلك مشاكل صغيرة من الوجهة
الموضوعية ولا تتضمن عدوانا .. ... فلنبحر أكثر أذن في مشاكلهم الكبيرة
... أظنك تري الأغتصاب والقتل والحرب والصراعات الدينية والقبلية وموروثات
العبودية والتميز العنصري والأرهاب والقوي الخارجية الأخري ..وما احدتث
فيهم من آثار ... أسمع انك تقول ...أشاهد أيضا فيهم من عانوا من التهجم ..
و من الأعتداء الجنسي ... أسمع تقول فيهم غاضبون أيضا من موت حبيب علي يدي
غريب ... وأري أنك الآن تشاهد ضحايا ظلم واضهاد وتعذيب ...وأنه يبدو عسيرا
علي الفهم ... تشاهد البعض وقد بدي عليهم تجارب غضب مثيرة وعنيفة ...
أنظر .. ما رأئك في هؤلاء الغاضبون ؟؟... فحافزهم الشديد الشامل هو
العدالة الأجتماعية ... يملؤهم انتقام ثأري ومرارة وأفكار استحواذية ...
مع عدم القدرة علي التحرك قدما في الحياة .. تتفق معي أذن أننا فعلا قد
رسونا في رحلتنا هذة ... في زمن الغضب ..وفي أرض الغاضبون
ففيها ..أزدادت تجارب الغضب الشخصية في ظهورها بين معاملات الناس لبعضهم
البعض ... كثرت الأحباطات والظلم ..وتعالت الصرخات من اصابات الحيف ...
والشعور بالخيبة .

أصبح الغضب الذي لا يصفح وتخيلات الأنتقام أمرا معتادا .... كثرت هزائم النفس .. والدراما في حياة الناس اليومية ...كما تري وتسمع ..
فقد الكثير تعريف نفسه ..تعريفا معززا ..يتضمن صفات الرحمة والكرم ... فلم يعد أحدا فيهم .. يسأل نفسه ... أي نوع من الأشخاص أنا ؟
زمن ظهرت فيه أشكال التراضي والمصالحة ... حالات صفح تحدث في اللحظات
الأخيرة .. حين المرض أوالوهن أوعند موت الضحية ... أصبحت نقطة يتحول
عندهم الغضب.. ليتخذ فيها نظرة أخري ...
فتقدم الهدايا ... أو قد يمسك بيد المريض ... كما تري ... أو يرسل بطاقة
..أو طاقة أزهار أو علبة حلوي ... والمرسل اليه هو المسئ ..الذي بدي فحالة
واهنة ... أو المسئ اليه وقد تشوة وبدي في حالة يرثي لها ...
أظنك تري ... عالم .. في زمن غريب عجيب متناقض !!
تغير فيه الشعور الطيب .. وأوقات وأسباب السلام والمصالحة .... فكلها تنبع
من أصل وجذور الغضب ... فقد سبقتها لامحالة ..تجربة للغضب ...
أصبحت نماذج التغير .. والأستحواذ والمشاعر ..نابعة من رغبة في الأنتقام .. أو من صفح التشفي .
أظنك تري هناك ... البعض فيهم من يخفون الغضب ... يعتقدون أنه من المناسب
أن يستمروا في تلك المشاعر السيئة ..وهم يكررون تذكر المشكلة .. التي أدت
الي الغضب في أذهانهم ..ويفكرون كيف كان الشخص الأخر علي خطأ ... ويعتقدون
أنه يبغي عليه أن يدفع ثمن الغضب والمرارة التي سببها لهم .
ويحتفظون أحيانا بالضغائن سنين وسنين ... فينشغلون بالماضي ... أكثر من أن يتيحوا لأنفسهم الأستمتاع بالحاضر .
وعلي الشخص الذي أسئ اليه ان يعيش رهن دور " الضحية "
وأكتفي لنفسه .. ان يعيش باحثا عن أدلة .. تثبت حالة غضبه وألآمه ...
وأظنك تري .وتسمعهم يتسألون فيما بينهم ... كم من الوقت لبثت غاضبا ؟؟
وأخرون يتسالون أيضا ... هل صرفت ذهنك عن الغضب ... مع أن المسئ ... بقي
دون محاسبة علي ذنبه ؟؟؟ ... وهل تري معي تلك الطائفة هناك !!
تتحدث تقول ... تسأل أيضا بعضهم البعض : الي متي يبغي عليك ان تتألم من أحداث الماضي !!؟
تتفق معي .. أن الأمر يتعلق بهؤلاء الغاضبون أنفسهم في زمنهم هذا ....
وتقول : فمن غير الحكمة بالتأكيد تجاهل مظالم الماضي فيهم ..والتي أدت الي
أصابتهم بالألم .. وان الغضب والمرارة تلك الراهنة ...والتي يعيشون فيها
.. لا يفيدان سوي الي أفكار أكثر مجترة ... ومستويات كرب جسماني ونفسي ...
والي أشكال جديدة من الأضطراب والفوضي في الحياة ... كما نري ..والبقاء في
سجن الزمان الذي لا يتقدم ... فهم يعيشون بلا شك في سجن الماضي ..

ولكن ... كأنك تسمع عجبا ... يقول الزمن فيهم غاضبا : .. أيها الغاضبون
... أما أن تصرف ذهنك عن الحادث ..وأما أن تستسلم لدور الضحية ... واما أن
تذهب الي أشكال أخري ..وأن لم تكن مقبولة لديك ..... لكي تتكيف في العيش
معي ... مثل النسيان ...

فان كنت لا تصفح ولا تنسي ... فانت احمق زماني ... وأن كنت تصفح وتنسي
فانت الساذج فيه ... وان كنت تصفح ..ولكنك لا تنسي .. فأنت الحكيم فيه .

شاهدت معي ... في رحلتي هذة ... كيف يسأل الزمان ... هل انت حكيم ؟

تحياتي
والي لقاء